شريف الشوادفي شريف |
من المؤكد بأن هذا الكون شاسع جدا وسحيق في ابعاده الزمانية والمكانية فمجرتنا اللبنية ليست الا نقطة ليست ذات شأن ضائعة بين مليارات المجرات والعناقيد المجرية الكبرى،وهو يتمدد بشكل مستمر والى اجل غير معلوم وفقا للنسبية وقانون هابل ويدل على ذلك أثر دوبلر او الإنزياح نحو الاحمر وهناك بعض الإستثناءات كمجرة المرأة المسلسلة التي تقترب من مجرتنا ويعتقد بأن سبب ذلك يعود لكونها جزءً من كتلتنا المجرية ذاتها.
فياترى ماهو شكل هذا الكون الشاسع؟وماهي القوانين التي تحكم عمارة الكون؟وهل يمكن لهذه القوانين أن تتيح لنا بشكل ما ان نسافر عبر الزمن الى الماضي السحيق؟؟؟
كانت الهندسة الإتقليدية ولاتزال هي الاساس الذي بنيت عليه الحضارة البشرية فهي اساس العمارة والبناء الا انه في الواقع أن كل الحسابات المترتبة على اساس هذه الهندسة تكون صحيحة فقط ضمن حدود المنطقة المحلية او ضمن حدود مناطق محلية متعددة كلاً على حده، اما خارج المنطقة المحلية فستكون كل حساباتها خاطئة فهي لاتصلح على مستوى الارض ككل او في الفضاء فالخطان المتوازيان اللذان لايلتقيان مهما إمتدا حسب هندسة إقليدس سوف يلتقيان عند قطبي الارض!!! وكذلك في الفضاء!!! ومجموع زوايا المثلث ستكون اكبر من 180°عند رسمه على الارض ككل!!! لأن اضلاعه ستكون منحنية وليست مستقيمة، ومساحة الدائرة تساوي اكبر من(باي نق2)!!! وهذا يعني بأن هندسة إقليدس لاتصلح لحسابات طبيعتها منحنية وأن هندسة ريمان او هندسة الخطوط المنحنية هي الهندسة المرجوة لدراسة طبيعة هندسة وعمارة الكون...
لاريب بأن مفهوم السفر عبر الزمن هو موضوع شيق وملهم يثير فينا الكثير من الحماس لخوض اسراره المبهمة التي تتناقض مع حاضرنا هذا وتُفضي الى متغيرات دراماتيكية تتربص بعقولنا وتتعارض مع مفاهيمنا الراسخة التي تدور في فلك حياتنا العلمية والوجودية برمتها، وكذلك تثير الكثير من الجدل في الاوساط العلمية الفيزيائية حيث تذهب معظم الأراء الى إستحالة تحقيقه لأسباب فيزيائية تتعلق بالكتلة، او الكتلة العطالية بالتحديد، واسباب اخرى منطقية تتعلق بترتيب تسلسل الأحداث من خلال مفهوم مبدأ(السببية) (Causality principle الذي يشكل مع نظرية النسبية ونظرية الكم الأساس الذي ترتكز عليه النظرية المعاصرة لبنية المواد ويتعارض هذا المبدأ بشكل قاطع مع مفهوم السفر عبر الزمن حيث تشهد كل الدراسات والابحاث والتجارب وحتى حياتنا اليومية على صحة هذا المبدأ بشكل مطلق، هذا من الناحية العملية...اما من الناحية النظرية فيمكننا السفر او التواصل عبر الزمن من حاضرنا عبر المستقبل الى الماضي السحيق من خلال الارتباط الزمكاني الذي تحتمه طبيعة فلسفة الهندسة الزمكانية عبر(المخطط البياني للزمكان) المبين في الشكل.
المرفق،وإنطلاقا من التفسيرات الفلسفية لمفاهيم هندسة الزمكان الغير إقليدية التي من الممكن ان تخبرنا عن شكل الكون المفترض وأن إمكانية السفر عبر الزمن تتوقف على هذا الشكل،وعلى الرغم من أن هذه الفلسفة لاتزال تبدو غير طبيعية ويشوبها الإرتباك الذي يسيطر على الكثير من الاذهان خصوصا وان تأثيرات هندسة الزمكان على مجموعتنا
الشمسية محدودة وتأثيراتها الملموسة تظهر بوضوح فقط بالقرب من البنى الكبيرة في الكون كالعناقيد المجرية والمجرات الكبيرة والنجوم ومايعرف بالثقوب السوداء حيث تتوزع ضمنها المادة والطاقة بدرجة كبيرة وكثافة هائلة ينتج عنها المزيد من الإجهاد والمزيد من التقوس مما يجعل وصف الظروف السائدة هناك بأنها الاكثر تطرفا في الكون وعند تلك الحدود يصبح الزمكان مشوها بصورة كبيرة وبدرجة يصبح معها من المستحيل علينا ان نفسر المخطط البياني للزمكان بالسهولة التي يمكننا تفسيره بها في الظروف الاقل تطرفا ضمن مجموعتنا الشمسية،وحيث انه من المفترض بأن كمية المادة والطاقة في الكون بمجمله هي التي تحدد حجم وشكل نسيج الكون،وكلمة تحدد هنا لاتعني بالضرورة محدودية الكون، فقد يكون الكون محدودا ولكن لامتناهيا!!!حيث ان المفهوم العميق لفلسفة هندسة الزمكان يسمح لنا بفهم وجود فضاءات محدودة دون ان يكون لها حواف مثل السطح الثنائي الابعاد للكرة،وكل هذه المعطيات تقودنا الى الاعتقاد بتكور الكون على نفسه تحت ظغط الجاذبية الهائلة لكمية المادة والطاقة الهائلة او حجم(الإجهاد/الطاقة)الزائدين وهذان العاملان هما المسؤلان عن شكل الكون وحجمه وعن الحركة فيه إذ ليست الثقالة الا نتاج لهذان العاملان،وفي الواقع فإن التقوس ينتج المزيد من التقوس والثقالة تنتج الثقالة مما يرسخ الاعتقاد في شكل الكون المتكور عند ابعاده السحيقة التي من الممكن ان تصل بين المستقبل البعيد والماضي السحيق حسب المفاهيم الغير إقليدية لهندسة الزمكان وعمارة الكون ويتبلور هذا المفهوم من خلال التصورات التطبيقية لفلسفة هندسة الزمكان بواسطة(مخطط زمكان بياني)بمقاييس منحنية وليست مسطحة او مستقيمة وهذا التصور يقودنا بقوة الى شكل الكون المغلق وهو إستنتاج منطقي تماما ينسجم مع هندسة الخطوط المنحنية حيث يمكن للخطان المتوازيان ان يلتقيان وهذا هو تماما المجال الذي تختص بدراسته النسبية العامة وينضوي تحت مفاهيم الفلسفة الطبيعية للهندسة الزمكانية
من المؤكد بأن نظرية النسبية بكل بديهاتها وبكل متناقضاتها تعتبر الرائدة في محاولتنا الحصول على فهم افضل للكون،وعلى الرغم من هذا الدور الذي تضطلع به الا ان جوهرها الفيزيائي يضع القيود الصارمة امام وصولنا الى(السرع الفوق ضوئية)الضرورية واللازمة للمضي قدما في سبيل استكشاف هذا الكون المجهول للوصول الى امكنة سحيقة لايمكن الوصول اليها الا بسرع (فوق ضوئية) وتسمى هذه الامكنة على المخطط البياني للزمكان((مكان آخر))كما هو موضح في الشكل المرفق، وعلى الرغم من ذلك تظل النسبية هي الوسيلة الفاعلة التي تعبد الطريق امام الانسان في سعيه الحثيث لفهم الكون وكشف اسراره...
لقد كان مؤسس علم هندسة الزمكان البرت اينشتاين مدفوعا الى صياغة نظريته العامة في النسبية مرتكزا على مبدأ القاعدة الفيزيائية الاساسية التي تخلص الى إدراكه بأن جميع القوانين الطبيعية يجب ان تكون هي نفسها من وجهة نظر اي مراقب في الزمكان وهذا المبدأ يسمى مبدأ(التغاير العام)(Coveriance) وهو يشبه الطرق المختلفة التي يستخدمها واضعو الخرائط لرسم الارض،بمعنى آخر يجب ان يأخذ القانون الطبيعي نفس الشكل الرياضي في اي نظام ترقيم(sestem of labels)يستعمل لرسم خريطة الزمكان ويشار الى انظمة رسم الخرائط هذه بالنظم الإحداثية(Corrdinate sestem)وكمقاربة بسيطة فإن طبيعة السماء لاتتعلق بالطريقة المستعملة لرسم خرائطها،فنظام السمت والارتفاع (altitude/azimuth)
يتحدد وفقا لموقع المراقب على سطح الارض وكذلك نظام السقوط المستقيم والميل(right ascension/declination)يمثلان نفس السماء وإن يكن بطريقتين
مختلفتين فلا تغير طريقة الرسم او الترقيم اي مظهر اساسي في السماء كالمواقع النسبية للكواكب والبروج او البعد الزاوي بين نجمين...
إن معادلات المجال لأينشتاين تصف الزمكان مقوسا كان ام غير مقوس كماً وكيفاً،وان التقوس الذي يعتمد على وجود المادة والطاقة لايتوقف على الطريقة التي ترسم بها خريطة الزمكان ومن الممكن رسمها بالاحداثيات بشكل اختياري.
¤المخطط البياني للزمكان¤
إن فكرة الزمكان رباعي الابعاد ومبدأ التغاير العام ومبدأ التكافؤ هي القواعد الاساسية التي استخدمها اينشتاين لإنجاز نظريته العامة في النسبية وصياغة معادلاتها بكل دقة وبراعة ولكن لاتخلو من التعقيد في وصف ظاهرة الطبيعة الاكثر وضوحا وفي نفس الوقت الاكثر غموضا وتناقضا وهي ظاهرة الثقالة،وفي الواقع إن معادلات المجال هي عشرة معادلات ضخمة في الميكانيكا الفعلية ويمكن كتابتها كمعادلة واحدة على الصورة.
(G= 8 bay T)
حيثGتمثل مقدار التقوس في الزمكان وT تمثل محتوى الزمكان من المادة والطاقة،وتتصل هذه المعادلة بمستويات عالية من المعادلات التفاضلية الماراتونية والمعقدة لمعالجة مقدار التقوس وحساب مجال الطاقة وتعمل كلها بدقة عالية وتناغم تام في حساب وتحديد مقدار الانحناء في نسيج الزمكان وكيفية تحرك المادة ضمن اطرها المرجعية الثقالية...
مثلما يمكننا تصوير المكان على خريطة ما، كذلك يمكننا تصوير الزمكان رباعي الابعاد على(مخطط زمكان بياني)
يحدد فيه الموقع الحالي للمراقب ويشار اليه ب(هنا والآن) كما هو موضح في الشكل المرفق(النقطة البيضاء في المركز)حيث(هنا)تعني الموقع الحالي للمراقب و(الآن)تعني الوقت الحالي وتمثل الدائرة السوداء في المركز مجرتنا ضمن كوننا المحلي،ويمثل الخط الافقي على المخطط الموقع في واحد من الابعاد الثلاثة، ويقاس الوقت على طول الخط العمودي،وتمثل المساحة فوق محور
المكان(المستقبل)والمساحة تحته(الماضي)،وتمثل المساحة الرمادية فوق محور المكان وتحته(امكنة اخرى) وهذه الامكنة سحيقة جدا ويمكن ان تكون اكوان موازية حيث لايمكن لنا أن نتأثر بأحداثها او أن نؤثر فيها،ولايمكن الوصول الى هذه الامكنة السحيقة الَّا بسرع(فوق ضوئية)
يرقم المخطط البياني للزمكان بحيث تتطابق وحدة الترقيم على محور المكان مع المسافة التي يقطعها الضوء خلال وحدة الترقيم الزمنية على محور الزمان،فمثلا اذا كانت العلامة الاولى على محور المكان ترمز الى مسافة سنة ضوئية واحدة من(هنا)فإن العلامة الاولى على محور الزمان ترمز الى سنة واحدة من(الآن)وفي الحقيقة ليس المهم هنا وحدات الترقيم فهي للتوضيح فقط،ولكن المهم هو ان تتطابق العلامات او الفواصل الزمنية على محور الزمان مع العلامات او الفواصل على محور المكان.
أتمنى أن يكون الدرس مفييد
تعليقات