بسم الله الرحمن الرحيم ..
﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (سورة الأعراف:163)
بمكانٍ وزمانٍ غير معلومين، كل ما علمنا هو أنه كان بعد عصر سيدنا موسى، كان هناك جماعة من اليهود يقيمون بمدينة ساحلبة يقتاتون على صيد السمك، وكان يوم السبت يومًا مُخصصًا للعبادة وترك العمل والدنيا والإنشغال بالتقرب إلى الله، والإنقطاع عن أمور الدنيا تمامًا، فكان لا عمل يوم السبت سوى التقرب إلى الله دون سواه!.
يظل يوم السبت مُقدسًا عند اليهود ليومنا هذا ..
وظل الحال هادئًا عاديًا بالمدينة والتي يقطنها ٱلاف اليهود وقد تخطى عدد سكانها منهم المائة ألف، ولكن دارت الحياة بلا أي عواقب حتى كان البلاء والإختبار، فكان الصيد طيلة أيام الأسبوع ضعيفًا جدًا، ويوم السبت الذي يتفرغ فيه العباد للعبادة، تأتي الحيتان واضحة للعيان على الشاطئ، سهلة الصيد وفي المتناول تمامًا أمامهم ولكنهم يمتنعون تنفيذًا لأوامر الله، واستمر الحال هكذا وكأنه إختبارًا للجشع والطمع بالنفس البشرية، حتى كان ذلك اليوم ..
الحيلة!.
بما إن الصيد مُحرمًا يوم السبت، فلمَ لا نقيم المكائد والحواجز من يوم الجمعة، بحيث يتم احتجاز الحيتان يوم السبت حينما تأتي للشاطئ، بحيث يسهل صيدها باليوم التالي "الأحد" وهكذا لا يكون اليهود قد عملوا يوم السبت أمرًا دنيويًا، بل تفرغوا للعبادة وأقاموا الحيلة على الحيتان، والحقيقة انهم تحدوا إرادة الله، الأسوأ أنهم سقطوا في البلاء، وكان الصيد يوم الأحد بالفعل وتم فعلاً بنجاح، ووفقت حيلتهم، حيلتهم ضد أمر الله الخالق العظيم ..
تعارض الأمر وخلق فتنةٍ بين العامة فتفرقت الٱراء لثلاثة ٱراء، والثلاث ٱراء خلقوا ثلاث فرق مختلفة فيما بينها...
الأولى وهي الفرقة العاصية وتُحاول أن تجادل في أمر الله، وتقديم تٱويل و تخدع وما تخدع سوى انفسها ..
الثانية وكانت فرقة ناصحة بالخير، رافضة لأفعال الفرقة الأولى .
الثالثة وهم هؤلاء ما لم يفعلوا المعصية ولم ينهوا عنها، سكتوا عن الحق فاوقعوا الضرر على أصحابه..
قامت الفرقة الثانية بنصح الأولى ولكن بلا فائدة، فكعادة اليهود يماطلون ويبحثون عن حلولاً وهمية لأمور أصولية لكي يحوروا الأمور ويغيروا من ماهيتها، ويبدلوا من حالها ويشوهوا بواطن الأمور، فقد حاولوا التملص من حقيقة انهم ما يخادعون سوى أنفسهم في ماهية ما يجري، وان ما يفعلون هو تجبر على الخالق، على الرغم من وضوح البرهان، ممنوع العمل يوم السبت!.
ولما اتسع الخلاف وانهار المنطق، أقر الفريق الأول العاصِ على عمله بينما الفريق الثاني خشى من عقاب رب العباد، كما أنزل على الأمم الهالكة من قبل أن يطولهم، فقرروا إنشاء جدارًا يفصل بين الفريقين، فصار العصاة في جهة ومعهم هؤلاء الذين آثروا الصمت عن الحق، والمؤمنون الصالحون في جهة أخرى وكانوا يرون بعضهم البعض في السوق لكن بيوتهم يفصلها جدارًا عظيم!.
المسخ!.
بسم الله الرحمن الرحيم ..
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (سورة البقرة:65)
طغى العصاة بحالهم، وآمن الصالحين بعملهم الصالح، حتى كان ذلك اليوم ..
أشرقت الشمس من مشرقها وطلع النهار ولكن شيئًا عجيبًا غير معتادًا كان يدور، فلم يخرج أحدًا من العاصين بالجهة الأخرى من دياره طيلة اليوم، فقط خواء الرياح ما يصدُر من قبل الجانب الآخر ..
فقال أحد الصالحين بالجهة الأخرى وقد بدا عليه القلق ..
أن يذهب أحدًا ليرى القوم الٱخرون لمَ لم يخرجوا للصيد والعمل اليوم وكان يومًا عاديًا، فتقدم أحد الصالحين وصعد سلالم كانت قد وضعت لتفصل بين الجدار والأرض، وفتح بابًا داخل الجدار بهدوء وبصوت أزير ليُبصر الصالح من بين ثنيات الباب فيرى شيئًا اقشعر له بدنه، في البداية لم يصدقه بكل تأكيد ولكنه نادى بقومه يا قوم فلتنظروا لما أنظر إليه، فقام معه بعضًا من قومه يتهافتون للباب فإذا بالقوم العصاة والقوم الذين لم ينهوا عن المعصية وقد تحولوا .. لقردة !.
دلف الصالحين وسطهم، جميعهم صاروا قردة، العاصيين تحولوا لقردة بكل بساطة، ففتحت الأبواب وأخذت القردة تدلف بيوت الصالحين لا يستطيعون فعل شئ، انتهى الأمر .. لقد انتهى كل شيء، بداخلهم صراخ عظيم، ولكنهم تحولوا لحيوانات !.
قال لهم الصالحين .. ألم ننهاكم عن ما كنتم تفعلون؟.
فيهز القردة رؤوسهم أي نعم !.
يقول ابن عباس أن الذين مسخوا قردة مكثوا في الأرض ثلاثة أيام فقط لأن المسخ لا يعيش ولا يكون لهم ذرية ثم أهلكوا جميعًا..
انتهت قصة النهاردة بس مخلصش كلامنا ..
المجتمعات ومع تطورها والانفتاح الأعمى والتزييف المُمنطق للحق، جعل من بعض الثوابت مموهة، مش راسخة كده في الأرض، يعني مثلاً الرشوة بقت إكرامية، والحجاب بقى بيمشي على الموضة والمزاج، زي ما نور الشريف قال في فيلم العار كده عن المخدرات لو حلال ادينا بنشربه ولو حرام ادينا بنحرقه ..
لعنة الالتفاف على الحق لتحقيق مصالح او شهوات ذاتية على حساب اتساق المجتمع ككل بيخلق تشوه فكري مع الوقت، يعني المجتمعات العربية ذات فكر مسلم في أصولها، لما تدخل عليها ثقافة الفنكوش تلاقي مجتمع لا ينتظم ولا يثبت، مجتمع فاسد أفراده يعانون من فقدان الانتماء والهوية ..
ما الفريق الي تم مسخه ده كان بيشتغل يوم السبت ويكسب بينما الفريق الي تمسك بالحق ده كان بيخسر بس ثابت على موقفه، ثابت على الحق، واستحمل خسارة فادحة، واستحمل أذى الفريق الأول وحتى الفريق اللي كان ساكت اتسبب في إلحاق اذى به ولكن الفريق ده تحمل لحد ما ظهر اليقين !.
عظمة الخالق دايمًا بتتجلى في إنه بيخلي العصاة مثال لمن يعتبر والصالحين بيتجازوا وبرضه لمن يعتبر، فيارب اقبلنا من عبادك الصالحين .. استغفروا الله ..
القصة دي هي إحدى القصص الواردة في كتاب الصحوة ❤️✋
المصادر ..
- القرٱن الكريم.
- البداية و النهاية لإبن كثير.
- تفسير الشعراوي.
تعليقات